بقلم مولانا الأستاذ/ محمد الطيب محمد الزاكي
حلبة السياسة ميدان صراع لا تحكمه المشاعر الوطنية و لا ثوابت القيم الانسانية و الاخلاق وانما تسوقه تعرجات السياسة و مطابخ المطامع و المصالح
و الوسيلة معراج فطف ثمار الانانية و الوصول للغايات حبيسة العقول الخربة التي لا تنظر الا ما يحقق مصالحها
و الانتهازية هي احدي وسائل
هذا المعترك السياسي
الانتهازبة استغلال الظروف لتحقيق مكاسب شخصية او لمجموعة او مؤسسة او تنظيم
سياسي او اجتماعي
وهي تقوم علي دوافع نفسية نتجاوز كل القيم و المبادئ الانسانية
و قد تدفعها لافعال يتضرر منها شخص او جماعة او شعب باكمله
و هي نوع من الانانية و تعدي علي حقوق الغير لتنتفع
بها دون مراعاة للحقوق الواجبة
في حق الوطن و المواطن
الاسلام السياسي خلق عدد من التنظيمات السياسية تحت مسمي حزبي في عدد من البلاد
ترتكز هذه الاحزاب علي استغلال الدين
كغطاء لسياسات ومنهج لتأسيس هذه الاحزاب لخدمة اغراضهم
.
استغلال الدين في انتهازية واضحة للشعوب الاسلامية و الضرب علي هذا الوتر العاطفي للمتدينين و استغلال هذه العاطفة الدينية هو استغلال سئ لمأرب اخري لا تحمل قيم وسلوك و مبادئ الاسلام
تبرز الانتهازية في احزاب الاسلام السياسي في شكل خطة مرسومة في اختيار الأشخاص للالتحاق بالتنظيم بوضعهم في حالة نرجسية. مغلقة
..هؤلاء يتم اختيارهم من الاحياء اوالمدارس الثانوية او الجامعات
هناك منهجية واضحة متبعة في الاختيار الاول الذي يقبل به الشخص ليكون عضوا في تنظيم الحركة الاسلامية وهو سلوك يعكس صورة انتهازية واضحة لمعرفة ابعاد الشخصية المستهدفة و طبائعها حتي يتم توافقها و تطابقها مع المنهج المرسوم. حتي يسهل انقباده. و
تطويعه و ما يتماشي مع استراتجياتهم. ..هذا الاختيار
نضعه في هذه الصور
أولا ان يكون غير منفتح علي مجتمعه بصورة كبيرة في الاحياء او المدرسة او الجامعه و منغلق في حدود دائرة لا يخرج منها و هذا ما تتطلبه هذا التنظيم
ثانيا ان يكون متميز في تحصيله الاكاديمي أو مجتهد في دروسه. ..حتي يوجهونه حسب مقتضيات المنهج الانتهازي. ..
ثالثا ضعف علاقته بالانشطة الرياضية او الفنية او خلق علاقات لا تتوافق مع طرق منهجهم مع الاخرين
رابعا. ان يكون هادئ الطبع او علي الأقل ملتزم سلوكيا او دينيا
هذا الشخص يتقربون اليه بانتهازية لمعرفة دواخله العاطفية و الانسانية
ليتم الاختيار بحساباتهم ثم يجعلونه في دائرة مغلقة لتنظيمهم .. هم وحدهم من بخططون له و بعمدون الي احاطته ببرنامج خاص فيصبح منقادا حركيا في مسار حدد له
بعد ان يضعوه في هذه الدائرة المغلقة
تقسم الادوار. بعد اعتماده بحسب طبيعة تصنيفه و امكانياته وادواته الشخصية
كمتحدث لبق او خطيب مفوه او حركي او ذا تأثير قوي علي قبادة الأفراد اوفي اي شكل يرونه.
استغل حزب الحركة الاسلامية في السودان
امكانياته الانتهازيةفي مسيرة
حكم السودان في كل مراحله المدنية الديمقراطية و العسكرية الشمولية
فلنعدد انتهازيته في تلك المراحل
بعد الاستقلال لم يكن له حضور قوي كحزب اسلامي ينافس الاحزاب الكبيرة التي لها قواعد كبيرة
. قام رئيس وزراء ااحكومة المدنية عبد الله خليل ممثل حزب الامة بتسليم الرئيس الفريق عبود في 17 نوفمبر 1958 السلطة بانقلاب علي السلطة المدنية
في أثناء حكم عبود خطط لانقلاب بقيادة الأمين العام لحزب الحركة الاسلامية الرشيد الطاهر و تم القبض عليه وهو يحمل خطاب الانقلاب وحكم عليه بالسجن.
وظهرت الانتهازية بوجهها القبيح حين نفي الحزب تورطه في القبام او اشتراكه في الانقلاب علي السلطة و لا يد له في ذلك بالانقلاب ليورط امينه العام بانه الذي خطط ونفذ بغير علم الحزب و هكذا اخرج الحزب نفسه من المسؤولية و تخلص من امينه العام و الذي تحول بعد ان قضي فترة السجن الي الحزب الاتحادي الديمقراطي
اختير دكتور الترابي في انتهازية لمصلحة حزب الحركة و مهد له الطريق الذي هيأ له فاجاد لعبة الانتهازية وأخيرا وقع في مخالبها. ..
في اثناء الحكم الديمقراطي
المدني استغل الحزب حادثة طالب معهد المعلمين و الذي اساء الي بيت الرسول صل الله عليه وسلم. فاستغلت الاستاذة
سعاد الفاتح هذه الحادثة بانتهازية متعرية اتسعت دائرتها
و اشتعلت نيران الفتنة الدينية و ابدعوا في تشكيل صور من الانتهازية و البسوا الحادثة كسوة شيوعية و صبغوه باللون الاحمر كعمل شيوعي و ثارت تورة الانتهازية مواكب وهتافات ودعوي بطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان و قد كان
و بعد استيلاء نميري علي السلطة بانقلاب 25 مايو 1969
وجد معارضة من الاحزاب و قد هاجمت السلطات مسجد ود نوباوي واحدثت مجزرة في اتصار حزب الامة
هذا الأمر اثار حفيظة الانصار في الجزيرة ابا و قيادة الانصار
المتمثلة في الامام الهادي المهدي ..
وفي تلك الفترة كانت الحركة الاسلامية تحت مسمي حزب جبهة الميثاق الاسلامي و كانت من ضمن الاحزاب المعارضة ولكن ليس لديها القوة لمحاربة نظام نميري
وهنا تمثلت خطة استغلال الفرص فلعلها تجني ثمار مصالح فذهبت مجموعة من قيادتها الي الجزيرة أبا و قاموا بتحريض الامام الهادي لمحاربة حكم النميري وقاموا بتدريب الانصار علي السلاح.و علي تحدي السلطة فما كان من النميري الا أن توجه بقوته العسكرية وحدث الصدام مع الانصار وحصدت الالة العسكرية و الطيران المصري شباب الانصار
واافرز عن انتهاكات وإضرار بالجزيرة أبا. و مقتل المئات
ثم قام انتهازيي الاسلاميين بحث الأمام الهادي علي الخروج
و حدثت مأساة مقتله في الكرمك
فكان تخطيطهم بعيدا عما حدث للامام الهادي و الانصار بل همهم هو تقوي شوكتهم ثم عمدوا الي الدخول كطرف
ثالث مع حزب الامة و الحزب الاتحادي في الجبهة الوطنية و كانوا هم الاقل وزنا.
وخطهم الانتهازي جعلهم ذو حظ في مقابل الايام..
هذا النهج الانتهازي فتح لهم الطريق لتحقيق مصالحهم
حينما أتت المصالح الوطني
و التي كانت انفاق بين النميري و الصادق المهدي رئيس الجبهة الوطنية. وكانت القوي الاكبر هما الحزبان الامة و الاتحادي
ولكن القوي الانتهازية هي صاحبة جني الثمار عندما رفض الاتحادي بلسان الشريف حسين و خروج الصادق من اتفاق مخل
وبقي الانتهازبون الاسلاميين يطبخون خطتهم علي نار هادئة
و مسمومة وزراء و اعضاء مجالس الشعب و وظائف و مصالح ومنافع بلا مبادئ و لا قيم ولا تعهدات و لا اتفاقيات
واداروا ماكينة الانتهازيةليوقعوا بسلطة النميري بعد ان وضعوا اصابع تمكين الحكم في قبضتهم
حينها أستيقظ النميري من غفوته واراد البطش بهم ولكن
انتفاضة الشعب احيت روحهم وخرجوامن مخابئهم يتظاهروا مع مواكب التغيير بانتهازية
عريا بلا حياء
و الله لولا الانتفاضه لما خرجوا. و ياليت تأخرت الانتفاضه حتي ينقض عليهم النميري
وبسقوط نميري كانت لهم قصة اذ خرجوا محماين بقوة اقتصادية واموال و انتهازية خادعه كسبوا بها إعداد كبيرة من الشعب وضموا كثيرا من الانتهازين. ..و اقتسموا مع الامة و الاتحاديين أصوات الجماهير ..
وبد ونأوا في لعبة السياسة بانتهازية مرتبة ومخطط لها و اذ بالشعب السوداني يفاجأ بجلوسهم علي سدة الحكم
..
محمد الطيب الزاكي
